عوامل الخطر هي عوامل شخصية أو من المناخ المحيط تجعل الابن/ الابنة ضعيفاً أو عرضة لسلوكيات غير صحية أو خطرة ؛ عوامل الحماية هي موارد شخصية ومن المناخ المحيط توفر مهارات اجتماعية قوية وعلاقات مؤيدة تقلل أو تكبح السلوكيات السلبية.
عوامل الحماية
تقر كل الدراسات والأبحاث بأهمية عوامل الخطر وعوامل الوقاية في تشكيل سلوكيات وصحة الأطفال.
بصفة عامة كلما تعرض الأطفال لمزيد من عوامل الخطر ازدادت احتمالات أن ينغمسوا في تعاطي المخدرات وما يرتبط بها من مشكلات ؛ وتظهر الأبحاث أنه كلما أمكن أمكن تقليل المخاطر في حياة الطفل صار أقل عرضة للتأثر بالمشكلات الصحية والاجتماعية اللاحقة.
بالرغم من ذلك، فإن تعرض الطفل لعدد كبير من عوامل الخطر لا يعني بالضرورة أنه سوف يتعاطى المخدرات، أو أن هناك مشكلات سلوكية أخرى سوف تترتب على ذلك بصورة تلقائية. وأحد أسباب ذلك هو وجود عوامل للحماية تُحدِث اتزاناً أمام عوامل الخطر.
وكلٌ من عوامل الخطر وعوامل الحماية موجود على كل المستويات التي يتفاعل فيها الطفل مع الأسرة والمجتمع ؛ لذلك الأمر يتعلق كثيراً بترجيح كفة الميزان لصالح تأثير عوامل الحماية.
أمثلة على عوامل الخطر:
التفكك الأسري، الطلاق، أو الانفصال، فقدان التواصل، غياب الحزم في التربية أو داخل المدرسة، اعتلال الصحة، العنف الأسري، العزلة.
أمثلة على عوامل الحماية:
- استقرار الزواج والأسرة، التواصل الجيد، الحدود والمبادئ الواضحة، الصحة الجيدة، العلاقات الاجتماعية الجيدة، الشعور بالأمان، ممارسة الهوايات والمواهب.
- إن للوالدين دوراً هائلاً في عوامل الخطر وعوامل الحماية التي يتعرض لها أطفالهم.
عوامل الخطر من تعاطي وإدمان المخدرات
الاستعداد البيولوجي:
- التركيب البيولوجي للطفل لن يتسبب في تعاطي المخدرات.
- الأطفال الذين يأتون من عائلات لديها تاريخ في إدمان الكحوليات أو المخدرات معرضون لقدر أكبر من الخطر.
- إذا كانت الجرعات التي يحتاج إليها الشخص للوصول إلى النشوة كبيرة فإن هذا يمكن أن يكون مؤشراً لوجود استعداد بيولوجي لإدمان الكحوليات أو غيرها من المخدرات.
- بعض الأطفال أكثر عرضة للخطر من غيرهم (كما سبق توضيحه) لذلك يجب تعريفهم بالنتائج المحتملة.
ضغط الأقران:
يحتاج الصغار أن يشعروا بالقبول من أصدقائهم، وهذا يعني أن لأصدقاء ابنك أو ابنتك تأثيراً كبيراً عليه أو عليها ؛ وإذا كان أولئك الأصدقاء يتعاطون المخدرات أو الكحوليات ــ حتى على سبيل التجربة ــ من المحتمل أن يفعل أبناؤك مثلهم، لذلك إذا كنت تعتقد أن ابنك أو ابنتك يعاني من مشكلة تتعلق بالمخدرات بسبب سلوكيات أصدقائه لا تنتظر حتى تتغير الأمور، فهذا قد لا يحدث.
- لا يمكننا أن نفترض أن أطفالنا سوف يقولون (لا) لمجرد أننا طلبنا منهم ذلك، لكن يجب أن نساعدهم على فهم تأثير أصدقائهم عليهم.
- يجب أن نبني ثقة أبنائنا بأنفسهم، لأنهم عندما يتمتعون بنظرة إيجابية نحو أنفسهم تكون لديهم مقاومة أكبر ضغط الأقران.
- يجب أن تصرف وقتاً في التعرف جيداً على أصدقاء أبنائك.
التوجهات الخاطئة للوالدين:
إن أهم مؤثر على موقف الشاب من الكحوليات والمخدرات لا يزال هو والداه ؛ فكلنا نتفق أن الصغار يقلدون ما يرونه ؛ وفي كثير من الأسر ينقل الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم ربما بشكل غير مباشر رسالة تقول إنه حتى تستمتع بوقتك لا بد من تناول المخدرات، والبعض يسمحون لأبنائهم بتناولها في الحفلات والمناسبات (يظهر ذلك بشكل واضح في المجتمعات غير الإسلامية).
- توضح الدراسات أن الصغار الذين يجربون الكحوليات والمخدرات في سن مبكر من المحتمل بشكل أكبر أن تدمنوها.
- يتعلم الصغار استخدام المواد المخدرة للتحكم في التوتر والقلق، بدلاً من التعامل معه.
العوامل الثقافية:
المجتمع دائم التغير، وتكرار التغير وشدته يمكن أن يسبب شعوراً بالخوف والقلق ؛ كذلك فإن القلق بخصوص المستقبل يمكن أن يخلق لدى الصغار رغبة شديد بالحصول على الراحة من خلال شيء يساعدهم على التأقلم ؛ وتواجه القيم كثيراً من التحديات، وقد تصل إلى الشباب رسائل متضاربة.
من العوامل الثقافية التي يمكن أن تؤثر على ابنك أو ابنتك:
- عدم الإيمان بثوابت أو ضوابط أخلاقية، مما قد يدفع الصغار إلى البحث عن الإشباع الفوري دون أي اعتبار للعواقب.
- عدم التوازن ؛ الآباء والأمهات الذين يعملون لساعات طويلة، وليس لديهم وقت لأطفالهم ويهملون الموازنة بين العمل والتربية.
- رغم توافر قدر أكبر من وسائل التواصل عما مضى، إلا أنها عادة لا تترجم إلا علاقات قوية على سبيل المثال من خلال تبادل رسائل الهاتف المحمول.
- تحكم وسائل الإعلام في المعلومات المتاحة يؤثر في قضايا رئيسية.
- تفضيل الالتزامات قصيرة المدى بدلاً من تلك طويلة المدى، وعدم الرغبة في التقيد بأي شيء يتطلب تحمل المسؤولية على المدى البعيد.
أزمات الحياة:
الصغار ــ مثل الكبار ــ لا بد أن يتعاملوا مع الضغوط والمشكلات المختلفة مثل المرض، أو الانفصال الأسري، أو الانتقال لمكان جديد. وكما هو الحال مع الكبار، قد يعتقدون أن الكحوليات والمخدرات يمكن أن تعمل على تخدير الألم والقلق.
كذلك تؤثر مشكلات مثل تفكك الأسرة، أو موت أحد أفرادها، أو أحد الأصدقاء المقربين على الصغار.
الاكتئاب:
إن وجود قدر معين من الاكتئاب أمر طبيعي بين المراهقين، وبينما يجتاز البعض فترات الاكتئاب بسرعة يستمر آخرون فيه أسابيع أو شهوراً.
من الأسباب الشائعة للاكتئاب بين المراهقين:
- تغيرات مرحلة البلوغ، إذ يكون الشاب غير متأكد مما يحدث، وقلقاً من شكل جسمه، ويشعر بعدم الأمان من ملاحظة الآخرين لهذه التغيرات، وكيفية تجاوبهم معها.
- التغيرات الهرمونية في مرحلة المراهقة.
- أمور أخرى مثل عدم الثقة بالنفس، الخلافات الأسرية، الصعوبات الدراسية، عدم القدرة على التعامل مع ضغط الأقران، التوتر، والإحساس المستمر بالملل، فقدان الأمل في تحسن الأمور.
بعض الصغار يكبتون مشكلاتهم داخل أنفسهم، لذلك قد يشعرون بأنهم منعزلون، ويفقدون القدرة على اتخاذ أي خطوة ؛ وهم على أقل تقدير يحتاجون إلى شخص يستمع إليهم، ويتفهم حالتهم ؛ ومن الشائع أن يلوم الصغار المكتئبون أنفسهم على الحالة التي يعيشونها.
إذا كان الطفل يتمتع بشبكة قوية من الأصدقاء وأفراد الأسرة، والمعلمين.. الخ، ممن يمكنه التحدث معهم فلديه فرصة أفضل للتعامل مع مشاعر الاكتئاب.
اللهو وتوفر المادة المخدرة:
في ظل توافر مواد ذات أسماء ودلالات مثيرة ينجذب الشباب للفوائد التي قد يظنونها في تعاطي المخدرات ؛ كذلك قد يرى كثيرون أن النشوة الناتجة عن المخدر ليست هروباً من الواقع أو الألم فحسب بل ونوعاً من اللهو الذي يسهل الحصول عليه.
نستطيع أن نجزم بأن (الوالدين هما أعظم مؤثر في حياة الأبناء) وهذا ما تؤكد صحته الأبحاث والدراسات، إذا يملك الوالدان أعظم فرصة لإبطال المؤثرات السلبية (عوامل الخطر) على أبنائهم والتأكيد على أو إضافة مؤثرات إيجابية (عوامل الحماية).
- هل تعتقد أن عوامل الخطر والحماية هي نفسها اليوم مقارنة بما كانت عليه الزمان الماضي؟
عادة ما نسمع الآباء والأمهات يقولون إن العالم صار مكاناً مخيفاً أكثر مما كان في أيامنا نحن، وكذلك صارت التربية مهمة أكثر صعوبة وإرهاقاً. لاشك أن بعض الأمور قد تغيرت، لكن الهدف من هذا الحوار هو مساعدتنا على إدراك أنه لا تزال هناك أرضية مشتركة بين خبراتنا وخبرات أبنائنا في النشأة ؛ وينبغي ألا تغيب عن أنظارنا هذه الأمور المتشابهة الحيوية فيما يتعلق بتنشئة أبنائنا، إذ إنها تشكل مرجعية رائعة ؛ بكلمات أخرى، لا تزال التربية تشكل تحدياً، لكن في سياق مختلف.